الفرق بين التوكيل والتفويض؟
أولاً: التوكيل في الطلاق:
التوكيل في الطلاق: هو أن ينيب الزوج غيره في تطليق امرأته، بأن يقول له وكلتك أن تطلق امرأتي، فإذا قيل هذا الغير الوكالة، ثم قال لزوجة موكله أنت طالق وقع الطلاق، وحكم هذا التوكيل هو أنه يعمل برأي موكله ويتصرف تبعا لمشيئته فليس له أن يتجاوز ما وكل به فإن تجاوزه بطل تصرفه إلا إذا وافق الموكل، وللوكيل الحق في أن يطلق في مجلس التوكيل ذاته، وأن يطلق بعده ما دام الموكل لم يقيد تصرفه بزمن أو مكان معين وللموكل الحق في عزل الوكيل في أي وقت يشاء، فإذا عزله فليس له الحق أن يطلق، مع ملاحظة أن الوكيل في الطلاق سفير ومعبر عن الموكل فلا ترجع إليه الحقوق المترتبة على الطلاق فلا يلزم بدفع مؤخر الصدق أو المتعة أو نفقة العدة، وإنما ترجع هذه الحقوق جميعا إلى الموكل وهو الزوج.
ثانياً: التفويض في الطلاق ووقته:
التفويض في الطلاق معناه: أن يملك الزوج زوجته أن تطلق نفسها منه، وأن يملك غيره تطليق امرأته تمليكا معلقا على مشيئته بأن يقول له لطق زوجتي فلانة إن شيئت، وكقول الرجل لامرأته: أمرك بيدك، وهذا التفويض قد يكون في وقت عقد الزواج، بأن يقترن بإيجاب العقد وقبوله، كأن تقول المرأة، تزوجتك على أن يكون أمر طلاقي بيدي، فيقول الرجل: تزوجتك على هذا، وقد يكون في حل استدامة الزوجية بينهما كأن يقول لها ما يدل على ذلك بعد تمام العقد بينهما، وتفويض الرجل الطلاق إلى الزوجة يشبه التوكيل من بعض الوجوه، ويخالفه من بعض وجوه أخرى، كما أنه يشبه التمليك من بعض الوجوه ويخالفه من بعض وجوه أخرى.
فهو يخالف التوكيل ويشبه التمليك من جهتين:
الأولى: أن الزوج إذا فوّض إلى زوجته طلاق نفسها لم يملك الرجوع عن هذا التفويض بحيث تنعزل الزوجة وتزول سلطتها على إيقاع الطلاق في حين ان الموكل يملك في كل وقت الرجوع عن التوكيل وينعزل الوكيل برجوعه، والجهة الثانية: أن الزوج لو فوض إلى زوجته طلاق نفسها بصيغة مطلقة لم يقيدها بوقت عام أو خاص فإنها لا تملك تطليق نفسها إلى في نفس مجلس التفويض. بحيث لو انتهى المجلس لم يعد لها الحق فيه، في حين أن الموكل لو كان قد وكل بصيغة مطلقة عن الزمان بنوعيه لم يتقيد توكيله بمجلس الوكالة. بل يكون له مباشرة ما وكل فيه بعد ذلك المجلس.
وهو يخالف التمليك ويشبه التوكيل من ثلاث جهات:
الجهة الأولى: أن التفويض مثل التوكيل. كلاهما لا يسل صاحب الحق الأصلي حقه في التصرف، فالزوج الذي فوض إلى زوجته طلاق نفسها يملك بعد التفويض أن يطلقها بنفسه كما كان يملكه قبل التفويض، الجهة الثانية: أن القبول في التفويض لا ينقطع بإنقطاع المجلس الذي حصل فيه الايجاب، إذا كانت الزوجة غائبة، بل يبقى لها حق القبول بعد انقضاء مجلس الايجاب ويتم بذلك عقد التفويض، في حين أن عقد التمليك لابد فيه من القبول في المجلس الذي حصل فيه الايجاب، بحيث لو انتهى المجلس ولم يحصل القبول لم يتم عقد التمليك، لأن الشرط في صيغة عقد التمليك اتفاق المجلس الذي يحصل فيه طرفاها، الجهة الثالثة: أن التفويض يتم من جانب الزوج وحده، ولا يتوقف تمامه على قبول الزوجة، في حين أن التمليك لا يتم إلا بحصول إيجاب وقبول من طرفي العقد.
ملاحظة هامة: قبل الحديث عن صيغة التفويض لابد أن نتحدث عن أمرني هامين:-
الأمر الأول: أن التفويض قد يكون من الرجل لزوجته بعد تمام عقد الزواج بينهما في حال قيام زوجيتهما، وقد يكون في أثناء عقد الزواج، فإذا كان التفويض في أثناء عقد الزواج فإن كان البادئ بالإيجاب على شرط التفويض هو الزوج، كأن يقول الرجل للمرأة تزوجيني على شرط أن تكون عصمتك في يدك تطلقين نفسك متى شئت، فتقول المرأة، تزوجتك على هذا، فإن الزواج بينهما يتم بهذا العقد، والتفويض لا يحصل به، فلا نملك المرأة في هذه الصورة أن تطلق نفسها أصلاً، والسر في هذا أن الطلاق حق خالص للزوج، وهو إنما يكتب له بعد ثبوت الزواج، فما لم يثبت الزواج لا يثبت حقه في التطليق لا يملك أن يعطيه لغيره لأن عقد الزواج لا يتم إلا بالإيجاب والقبول جميعاً، وإذا كانت المرأة هي التي بدأت بإيجاب عقد الزواج بشرط التفويض كأن قالت المرأة: تزوجني على شرط أن تكون عصمتي بيدي أطلق نفسي متى شئت، فيقول الرجل: تزوجتك على ذلك- فإن عقد الزواج بينهما يتم بذلك أيضاً ويزيد على هذا أنه يصبح تفويض الرجل زوجته في طلاق نفسها، فتملك المرأة تطليق نفسها متى شاءت بخلاف الحالة الأولى التي حصل التفويض منه فيها قبل تمام عقد الزواج، وقبل أن يملك هو حق التطليق.
الأمر الثاني: ينقسم التفويض إلى صريح وكتابة «فالصريح» أن يملكها تطليق نفسها بلفظ لا يحتمل إلا الطلاق، كأن يقول لها ملكتك أن تطلقي نفسك متى شئت، وحكم التفويض الصريح: أنه لا يحتاج إلى نية، ولا دلالة حال، لأنه لا يحتمل معنى آخر غير تفويض الطلاق، والكناية: أن يملكها ذلك بلفظ يحتمل الطلاق وغيره، وذلك كأن يقول لها: جعلت أمرك بيدك، أو يقول لها لك أن تختاري نفسك، وحكم التفويض الكنائي: فإن مثل هذا القول يحتمل التفويض فلابد فيه من النية أو القرينة فإذا قال الرجل لامرأته: أمرك بيدك، ونوى بذلك الطلاق أو كان الحال حينما قال لها ذلك حال غضب وخصومة بينهما وعلمت المرأة بتفويض زوجها لها أن تطلق نفسها بأن كانت حاضرة وسمعت قوله أو غائبة فطلقت نفسها وقع الطلاق. لكن إذا ادعى الزوج أنه ما أراد بقوله هذا تفويض طلاق نفسها إليها فإنه يصدق
تنقسم التفويض على ثلاثة أنواع
صيغة التفويض في الطلاق إما أن تكون مقترنة بما يدل على التعميم والتخصيص (أي المقيد بزمن معين) وإما أن تكون غير مقترنة بما يدل على التعميم والتخصيص بل تكون مطلقة ولكل نوع من هذه الأنواع حكم يخصه
النوع الأول:- فإذا كانت عبارة التفويض مقترنة بما يدل على التعميم في جميع الأزمان كأن يقول الزوج لزوجته جعلت لك أن تطلقي نفسك متى شئت، سواء أكانت حاضرة حين تفويض الزوج لها أم كانت غائبة، فتملكه عاماً كما ملكه لها فإن الزوجة يكون لها أن تطلق نفسها أكثر من مرة إلى ثلاث مرات ولكن لا تملك إيقاع الثلاث دفعة واحدة والمرأة في التفويض نائبة عنه في تطليق نفسها فلا تملك إلا ما يملكه.
النوع الثاني: وإن كانت عبارة التفويض مقترنة بما يدل على التخصيص أي بوقت وحالة معينة كأن يقول لها: جعلت لك أن تطلقي نفسك في أثناء الشهر ففي هذه الصورة تملك الزوجة أن تطلق نفسها في الوقت أو الحالة الذي حدده لها بحيث لو انقضى الوقت ولم تطلق نفسها أو طلقت نفسها في حالة أخرى لم يقع طلاقها ولو كانت الزوجة غائبة عن مجلس التفويض ولم تعلم إلا بعد انقضاء الوقت أو انتهاء الحالة لم تملك الحق في تطليق نفسها.
النوع الثالث: وإن كانت عبارة التفويض غير مقترنة بما يدل على التعميم والتخصيص كأن يقول لها: جعلت لك :أن تطلقي نفسك ولا يزيد على ذلك شيئاً فإن الزوجة تملك تطليق نفسها في مجلس التفويض إن كانت حاضرة فيه وفي مجلس علمها بالتفويض إن كانت غائبة عنه فإذا سكتت عن تطليق نفسها في مجلس التفويض وهي حاضرة فيه حتى انقضى او انقضى المجلس الذي علمت فيه بتفويض زوجها طلاق نفسها لها ولم تطلق نفسها لم تعد لها الحق في تطليق نفسها الا بتفويض آخر لأن إطلاق هذه الصيغة جعلها قاصرة.
نوع الطلاق الواقع بالتفويض:
الطلاق الواقع بناء على التفويض يكون طلاقاً رجعياً إلا إذا كان قبل الدخول أو كان مكملاً للثلاث أو كان في مقابل مال لأن الزوج لا يملك إلا الطلاق الرجعي فما تملكه الزوجة منه يكون رجعيا كذلك لأن البائن لا يقع بإرادة المطلق بل يحكم الشارع وهذا ما يجري عليه العمل في القضاء وهو مقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 25 لسنة 1929، أما فقهاء الحنفية فيرون أن الطلاق الواقع بالتفويض قد يكون بائناً لأن المرأة لا يتم بذلك اختيار نفسها ولا يكون أمرها بيدها إلا بالطلاق البائن وإن كان التفويض بصريح الطلاق كان الطلاق رجعياً.
مشروعية تفويض الطلاق إلى المرأة:
ذهب جمهور الفقهاء إلى جوازه ، وخالف في ذلك الظاهرية فقالوا لا يجوز التفويض لأنه تمليك الطلاق للمرأة وهو بيد الرجل عملاً بقوله
r
«إنما الطلاق لمن أخذ بالسابق»، ولا يغير أحد حكم الشرع ورأي الجمهور هو الراجح وهو المختار إذ أنه لصاحب الحق أن ينيب عنه غيره فيه.

الموضوع الاصلى : الفرق بين التوكيل والتفويض فى الطلاق - منتديات شوق القمر | المصدر : هنا | كاتب الموضوع : محمد عثمان

0 التعليقات: