حقيقة العدة:
العدة في اللغة: هي الاحصاء يقال عددت الشئ عدة أي أ؛صيته إحصاء وفي الاصطلاح : هي المدة التي تتربص فيها المرأة بعد فراق زوجها لها فلا تتزوج غيره تحى تنقضي هذه المدة.
وبناء على هذا التعريف اذا طلق الزوج زوجته بعد الدخول بها، او فسخ عقد الزواج بينهما، او مات الزوج عنها، لا يحل شرعا ان تتزوج رجلا اخر حتى تنقضي العدة. ويتضح من مشروعية العدة الحكم الآتية:
1-
معرفة براءة الرحم حتى لا تختلط الانساب بين الناس، لان اختلاط الانساب يترتب عليه فساد كبير.
2-
اعطاء الزوج الذي طلق زوجته فرصة لمراجعة نفسه، بعد ان يذهب غضبه، فربما يكون قد تسرق في الطلاق.
3-
اعلام الناس بعظم شأن الزواج، وانه امر له مكانته السامية عند الله وعند الناس.
سبب وجوب العدة:
تجب العدة على المرأة لاسباب أهمها فيما يلي:
1-
وفاة الزوج في النكاح الصحيح ولا فق في ذلك بين الزوجة المدخول بها او التي لم يدخل بها ، الا اذا كانت حاملاً فانها تعتد بوضع الحمل لقوله تعالى: «وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن» فقد خصصت هذه الآية العموم في قوله تعالى: «والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً».
2-
حصول الفرقة بعد الدخول بالزوجة او الخلوة بها على راي الحنفية والحنابلة، وعلى هذا اذا حصلت الفرقة بين الزوجين قبل الدخول والخلوة فلا تجب العدة على المرأة، قال تعالى «يا أيها الذين آمنوا اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها.
3-
حصول الفرقة بين الزوجين بعد الدخول بعقد فاسد سواء حصلت الفرقة باختيارهما او بحكم القاضي عليهما بها، فالمفارقة بعد الخلوة لا توجب العدة.
4-
وطء المرأة الاجنبية بشبهة النكاح ففي هذه الحالة يجب على المرأة ان تعتد بعد المفارقة.
في أنواع العدة:
تتنوع العدة على حسب طبيعة المرأة في الوقت الذي تحدث فيه للفرقة، وأنواعها ثلاثة:
النوع الأول: العدة بالأقراء. النوع الثاني: العدة بالاشهر النوع الثالث: العدة بالوضع.
فاذا حصلت المفارقة بين الزوجين لسبب من الاسباب غير الوفاة وكانت ممن تحيض وقد دخل الزوج بها فانها يجب عليها ان تعتد بالاقراء لقوله تعالى والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء، والقرء معناه الحيض عند الحنفية ومعناه الطهر عند غيرهم، وعلى رأي الحنفية تكون العدة ثلاث حيضات كوامل وهذا هو المعمول به في المحاكم الى وقتنا هذا. والفسخ مثل الطلاق في العدة لان الرحم لا تعرف براءته الا بالعدة واذا حصلت الفرقة في اثناء الحيض فلا تحتسب الحيضة التي وقع فيها لاطلاق او الفسخ لان العدة مقدرة بثلاث حيضات كوامل والحيضة لا تتجزأ فيجب عليها الانتظار حتى تكمل الحيضة الثالثة ولا يعرف انتهاء الحيض الا من المرأة نفسها، فان كانت المرأة صغيرة لم تحض بعد، او اكنت كبيرة بالغة لم تحض اصلا، او كانت كبيرة بلغت سن اليأس وهو خمس وخمسون سنة على القول الذي يفتي به مذهب الحنفية فعدتها ثلاثة اشهر، لقوله تعالي: «واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائي لم يحضن» وتحتسب هذه الشهور بالشهور الهلالية اذا حصلت المفارقة في أول الشهر العربي، فان حصلت ف ياثناء الشهر فتحسب بالايام وتكون العدة تسعين يوما على اعتبار ان الشهر ثلاثون يوما كما هو رأي الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه. وان كانت الفرقة لسبب الوفاة فاما ان تكون المراة حاملاً واما ان تكون غير حامل فان كانت غير حامل فعدتها اربعة اشهر وعشرة ايام لقوله تعالى: « والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بأنفسهن أربعة اشهر وعشرا». وهذا بالنسبة للزواج الصحيح اما الزواج الفاسد اذا حصل فيه دخول حقيقي بالمرأة ثم مات الرجل بالمفارقة فانها لا تعتمد عدة الوفاة بعد الزواج الصحيح، وانما تعتد ان كانت من ذوات الحيض بثلاث حيضات وان كانت ممن لا يحضن فعدتها ثلاثة اشهر فان كانت المرأة حاملاً فعدتها بوضع الحمل، لقوله تعالى: «وأولات الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن» فاذا وضعت المرأة بعد وفاة زوجها فقد انقضت عدتها ولو كان ذلك بعد الوفاة بايام قليلة لان الله سبحانه وتعالى جعل انتهاء العدة للحامل بوضع الحمل حتى يكون الرحم خالياً والحكم كذلك بالنسبة للمرأة المطلقة الحامل، وكذلك المرأة التي فسخ عقد زواجها.
وابتداء العدة: يكون في الزواج الصحيح من وقت وقوع الفرقة سواء كانت طلاقا او فسخا او وفاة ولا يشترط علم المرأة بها عند جمهور الفقهاء وتنتهي بانتهاء اجلها وان لم تعلم الزوجة بها ايضا. اما في الزواج الفاسد فتبدأ العدة من وقت المفارقة وتبدأ العدة بعد الوطء بشبهة من آخر وقاع حصل بين الرجل والمرأة لانه ليس هناك عقد زواج بينهما وانتهاء العدة يكون بوضع الحمل ان كانت المرأة مع ذوات الأشهر، وبمرور اربعة اشهر وعشرة ايام ان كانت المرأة في عدة الوفاة، وبانتهاء الحيضة الثالثة وان لم تغتسل المرأة على رأي في المذهب الحنفي ان كانت المرأة من ذوات الأفراد.
وأقل من العدة: هي ستون يوماً عند ابي حنيفة لانها ثلاث حيضات وطهران واكثر مدة للحيض هي عشرة ايام واقل مدة للطهر بين الحيضتين خمسة عشر يوماً فالحيضات الثلاث ثلاثون يوما والطهران ثلاثون يوما كذلك والمجموع ستون يوماً. وعند الصاحبين هي تسعة وثلاثون يوما، لانهما نظرا الى اقل مدة للحيض واقل مدة للطهر. ورأى الإمام ابي حنيفة هو الذي يفتي به في المذهب وهو الذي يجري عليه العمل في المحاكم إلى الآن.
في عدة من امتد طهرها:
اذا كانت المرأة المعتدة من ذوات الحيض، وقد رأت الدم مرة واحدة بعد بلوغها، ثم انقطع الدم وامتد طهرها ولم تصل بعد الى سن اليأس فلا تنقضي عدتها الا بثلاث حيضات كوامل، فلا تعتد بغير الأقراء، فإن لم ينزل عليها الدم فعليها ان تنتظر حتى تبلغ سن اليأس وعندئذ تعتد بثلاثة اشهر وهذا مذهب الحنفية وقال المالكية: عليها ان تنتظر تسعة اشهر، وهي المدة الغالبة في الحمل، للتحقق من براءة الرحم، فإذا مرت ولم يظهر حملها اعتدت بثلاثة اشهر كالمرأة التي أيست من نزول الدم، وهذه المدة كلها تعتبر سنة بيضاء، أي خالية من نزول دم الحيض عليها، فإذا مرت بدون أن ترى الحيض فيها فقد حلت للأزواج، فإذا جاءت الحيضة الأولى في أثناء السنة انتظرت الحيضة الثانية أو تمام سنة بيضاء، فإذا مرت السنة انقضت عدتها، فإن جاءت الحيضة لاثانية في اثناء السنة ولو في آخر يوم منها انتظرت الحيضة الثالثة أو سنة بيضاء. وقد كان العمل بمذهب الحنفية حتى صدر القانون رقم 25 لسنة 1920 فعدل عنه الى مذهب المالكية وقد نصت المادة رقم 3 من القانون.
في تحول العدة من نوع إلى غيره:
كانت تعتد بالاشهر لصغر سنها وعدم نزول الدم عليها، ثم نزل عليها لادم في اثناء العدة فيجب عليها ان تعتد بالاقراء وتستأنف العدة من جديد والحكم كذلك بالنسبة للمراة التي أيست من نزول الدم عليها فاعتدت بالاشهر ثم نزل عليها الدم في اثناء الاشهر ولو كان ذلك قبل نهاية الاشهر الثلاثة ولو بأيام قلائل، فإنها تتحول الى العدة بالاقراء لان الشهر بدل عن الحيض فاذا وجد الحيض الذي هو الاصل فلا يصح الاعتداء بالاشهر التي هي الفرع. ومن كانت عدتها بالحيض فحاضت مرة ثم وصلت الى سن اليأتس تغيرت عدتها وتحولت من الحيض الى الاشهر. واذا كانت المرأة في عدة الطلاق الرجعي ثم مات زوجها وهي في المدة، تحولت عدتها من عدة الطلاق إلى عدة الوفاقة، وهي أربعة أشهر وعشرة أيام كما سبق ذلك ، وإذا طلق الرجل زوجته في مرض موته واعتبر فارا من الميراث، ثم مات قبل انقضاء العدة فانها لا تعتد عدة الطلاق وانما تعتد بابعد الاجلين وهما عدة الطلاق وعدة الوفاة فأيتهما كانت أطول فهي الواجبة عليها شرعاً. فان كان الطلاق بائنا في حال الصحة او في حال المرض، وليس الزواج فارا من ميراثها فلا تتحول الى عدة وفاة اذا مات زوجها وهي في اثناء العدة وانما عليها ان تتم عدتها وهي عدة الطلاق على حسب حالها الذي طلقت عليه لان الطلاق البائن يزيل الزوجية. فتبقي على عدة الطلاق.
في حقوق العدة وأحكامها:
1-
ثبوت النسب في العدة: فإذا أتت بولد في اثناء العدة ثبت نسبه من الزوج السابق الا انه لا تسمع دعوى النسب اذا اتت به لاكثر من ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً إلا إذا ادعاه الزواج فان الدعوى تسمع على أساس فراش الزوجية وذلك حسبما جاء في القانون رقم 25 لسنة 1939.
2-
الميراث: فإذا توفي احد الزوجين في اثناء العدة فان كان الطلاق رجعيا فيرث كل منهما الآخر والعدة اثرم ن آثاره أما اذا كان بائنا فلا يرث احدهما الآخر الا اذا كان فرارا من الميراث وتوافرت شروط ميراثها على الرأي المختار المفتى به.
3-
حرمة زواج الأجنبي لها: يحرم زواج الاجنبي لها ما دامت في ال عدة اخذا بقوله تعالى «ولا تعزموا عقدة النكا حتى يبلغ الكتاب أجله». ولهذا المعنى حرم على الاجنبي ان يخطب المطلقة صراحة او يتزوجها في اثناء العدة ويجوز لزوجها الذي طلقها ان يتزوج بها في اثناء عدتها اذا لم يكن طلاقه مكملاً للثلاث.
4-
وجوب الاحداد على المعتدة عدة وفاة: يقول الرسول
r
)لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً».
5-
وجوب نفقة العدة من الفرقة بعد زواج صحيح: لقد اتفق الفقهاء على ان المعتدة من طلاق رجعي لها النفقة والسكنى كذلك البائن الحامل لقوله تعالى «أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم» وقوله سبحانه «وان كن اولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن». ولكنهم اختلفوا في استحقاق المبتوتة للنفقة والسكنى اذا لم تكن حاملاً:
1-
فاذا ذهب الحنفية واهل الكوفة وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن مسعود في احدى رواياته الى ان لها النفقة والسكنى.
2-
وذهب الشافعي الى انه يجب لها السكنى دون النفقة وهو قول ابن مسعود وابن عمر.
3-
وذهب احمد في اظهر روايته انه لا يجب لها نفقة ولا سكنى وهو قول ابن عباس.
أما المعتدة من وفاة فان كانت حائلا فلا سكنى لها ولا نفقة لأن النكاح قد زال بالموت اما اذا كانت حاملاً ففيها قولان:
الأول: ان لها السكنى والنفقة لانها حامل من زوجها فصارت كالزوجة المفارقة لزوجها في حياته.
الثاني: ان لا سكنى لها ولا نفقة لان المال قد صار للورثة ونفقة الحامل وسكناها بسبب الحمل اما اذا لم يترك ميراثا فلا يلزم وارث الميت من الانفاق على حمل امرأته. واننى أرى بأن من يقول بوجوب سكناها سواء أكانت معتدة من وفاة ام طلاق بائن هو الأولى بالقبول، والأجدر بالرجحان، وكذلك من أوجب لها النفقة. ويؤيد ذلك حديث رسول الله -
r
لبنت مالك حين قاله لها: «اعتدي في البيت الذي أتاك فيه وفاة زوجك» كما يجب ان لا يحرمها من النفقة أثناء هذه العدة ما دامت حاملاً.
وجوب نفقة العدة طبقاً لما يجري عليه العمل الان قضاء:
تب نفقة المعتدة اذا كانت الفرقة من زواج صحيح كما هو مضمون المادة الثانية من القانون 25 لسنة 1920 «تعتبر نفقة العدة الواجبة على الرجل ديناً في ذمته من تاريخ الفرقة بلا توقف على قضاء او تراضي ولا يسقط دينها الا بالأداء او الابراء ويراعى في غرضها حالته يسراً أو عسراً.
أقامة المطلقة في بيت الزوجية:
اذا وقعت الفرقة بين الزوجين فان الزوجة يجب عليها ان تبقى في بيت الزوجية خلال فترة العدة وفي المسكن الذي كانت تقيم فيه وقت حصول الفرقة سواء كانت معتدة من طلاق او فسخ او وفاة لقوله تعالى «يا أيها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا ان يأتين بفاحسة مبينة». واذا كان خروج المعتدة من المنزل الذي كانت تسكنه وقت وقوع الفرقة محرما كانت ملازمتها له خلال فترة العدة واجبة وقد يقول قائل ان العرف الان يجري على ان المرأة لا تبقى بعد طلاقها في المنزل الذي كانت تقيم فيه مع زوجها بل تنتقل منه بمجرد طلاقها إلى منزل أهلها، ولكن يرد على ذلك بأن العرف المعترف به هو الذي يعارض قوله تعالى «لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا ان يأتين بفاحشة مبينة». وعلى هذا فلا يجوز ان يعول على هذا العرف ولا يلتفت إليه ولكن ينبغي الان الا يعتبر خروج المطلقة الى منزل اهلها دون عذر نشوزاً يستوجب حرمانها من نفقة العدة.
:. الموضوع الاصلى: العدة فى الشريعة الاسلامية | المصدر: منتديات شوق القمر | كاتب الموضوع: محمد عثمان .:

0 التعليقات: