أراء الفقهاء فيما يقع بالطلاق والمقروء بعدد
وقوع الطلاق الثلاث:
إذا خالف الزوج في مشروعية الطلاق، ينحصر هذا الخلاف في أربعة مذاهب:
1-
المذهب الأول: وهو قول الأئمة الأربعة وجمهور الصحابة والتابعين وهو أنه يقع ثلاثا وتبين به المرأة بينونة كبرى لا تحل لزوجها الذي طلقها هذا الطلاق حتى تنكح زوجاً غيره.
2-
المذهب الثاني: وهو قول بعض الشيعة وابن تيمية وابن القيم وغيرهم وهو أنه يقع واحدة رجعية.
أدلة المذهب الأول:
(أ)
أدلتهم من الكتاب:
استدلوا بقوله تعالى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} وبقوله تعالى {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً}
(ب)
أدلتهم من السنة:
استدلوا على مذهبهم بالأحاديث الكثيرة أذكر منها ما يلي:
1-
عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا طلق امرأته ثلاثاً، فتزوجت فطلق، فسئل النبي
r
أتحل للأول؟ قال «لا حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول».
2-
روى النسائي عن محمود بن لبيد قال: «أخبر رسول الله
r
عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً، فقام غضبان ثم قال: «أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟» حتى قام رجل وقال : يا رسول الله ألا أقتله؟.
أدلة المذهب الثاني:
استدل أصحاب المذهب الثاني القائلون بأن الطلاق الثلاث يقع واحدة رجعية بالكتاب والسنة.
أما الكتاب: فقوله تعالى {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}
وأما السنة: فقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: « كان الطلاق على عهد رسول الله
r
وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن الناس قد استعجلوا في أمرقد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضناه عليهم».، فهذا الحديث يدل على أن الطلاق بلفظ الثلاث كان يقع واحدة من عهد النبي
r
إلى سنتين من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أدلة المذهب الثالث:
استدل القائلون بأنه لا يقع أصلا بنفس الأدلة التي سبقت لهم في عدم وقوع الطلاق في أثناء الحيض، وقد اعتبرواه طلاقا بدعيا والطلاق البدعي مردود بالنصوص التي ذكرت هناك.
مناقشة الأدلة:
ناقش الجمهور من الفقهاء أدلة المذهب الثاني فقالوا في الدليل الأول: لا خلاف بيننا وبينكم في أن الطلاق المشروع هو مرة بعد مرة، وإنما الخلاف في وقوع الطلاق الثلاث ثلاثاً، وليس في الآية ما يدل على ذلك، فيؤخذ الحكم من السنة، وقالوا في الدليل الثاني: إننا نمنع أن يكون عمر بن الخطاب خالف السنة وخالف الإجماع، فهو الرجل الشديد في الحق الذي أيده الوحي في رأيه أكثر من مرة، ونمنع كذلك أن يكون ذلك من باب الاجتهاد الجائز لأنه لا يجوز الاجتهاد مع وجود النص، وقد ناقش الجمهور من الفقهاء أدلة المذهب الثالث في رد أدلة أصحاب هذا المذهب في عدم وقوع الطلاق في أثناء الحيض، وتتخلص في رد رواية « فردها على رسول الله
r
ولم يرها شيئاً» فهو حديث منكر ولو صح فهو مؤول بأن الرسول لم يرها شيئاً مستقيماً.
المذهب الراجح:
وبناء على هذه المناقشة يكون مذهب الأئمة الأربعة وجمهور الفقهاء هو المذهب الراجح، وما عداه فهو مذهب مرجوح، وقد كان العمل بمذهب الجمهور حتى صدر القانون رقم 25 لسنة 1929 فصار العمل بالمذهب الثاني الذي يعتبر الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقطع طلقة واحدة.

0 التعليقات: