اللعان: في الاصطلح = اسم لما يجري بين الزوجين من الشهادات بالالفاظ المعروفة مقرونة باللعن من جانب الزوج وبالغضب من جانب الزوجة. وقد شرع الله الحد لمن يقذف امرأة محصنة بالزنى ولم يثبت فيجلد ثمانون جلدة بقوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» ولكن الله خفف عن الأزواج ورفع الحرج عنهم بشريعة اللعان في حق من قذف زوجته بقوله تعالى: « {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِين، والخامسة أن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين، ويدرأ عنها العذاب ان تشهد أربع شهادات بالله انه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها ان كان من الصادقين»
كيفية اللعان:
ان يأمر القاضي الزوج بملاعنتها بأن يقول: أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميت به فلانة هذه ويشير إليها ان كانت حاضرة، وان لم تكن حاضرة بالمجلس سماها ونسبها بما تتميز به، ويكرر أربع مرات وفي الخامسة يقول: لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنى أو نفى الولد حسب موضوع الدعوى. فاذا انتهى أمر الزوجة بملاعنته فتقول: اشهد بالله انه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى او نفي الولد حسبما جاء في دعواه، وتكرر ذلك أربع مرات، ثم تقول في الخامسة: غضب الله عليها ان كان من الصادقين فيما رماني به ويكون ذلك بحضرة جماعة من الرجال أقلهم أربعة لأنه بينة على الزنى. فاذا فعل ذلك سقط عنه القذف، واذا عارضته بشهاداتها سقط عنها حد الزنى.
حكم الامتناع عن الملاعنة بعد وجود سببها:
اذا امتنع الرجل عن الملاعنة بعد اتهامه زوجته بالزنى او ينفي ولدها حبسه القاضي حتى يلاعن أو يكذب نفسه فيقام عليه حد القذف بمجرد امتناعه. وسبب هذا الاختلاف هو اختلافهم في الموجب الاصلي لقذف الزوج زوجته. فالحنفية يرون ان موجبه اللعان لان قوله تعالى: «فشهادة أحدهم» معناه فالواجب شهادة أحدهم، وهذا يفيد أن الواجب في قذف الزوجان اللعان فلا يجب غيره اذا لم يرجد، والجمهور يذهبون الى ان الموجب الاصلي لقذف الزوجات هو حد القذف واللعان مسقط له، لأن آية القذف عامة في حكمها لكل قاذف زوجا كان أو غير زوج فاذا امتنع عن اللعان ثبت الموجب الاصلي وهو الحد، ويدل لهذا أن الرسول قال لهلال بن أمية – لما قذف زوجته بالزنى مع شريك بن شحماء – اللبينة أو حد في ظهرك، وعندما نزلت أية اللعان وجاء يلاعن قال له الرسول: «عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة» ولو لم يكن الحد بهذا القذف واجبا لما كان لهذا القول معنى. ويبدو أن رأي الجمهور هنا أرجح من رأي الحنفية.
وإذا امتنعت الزوجة عن اللعان بعد أن لاعنها الزوج حبست عند الحنفية حتى تلاعن أو تصدق الزوج فيما ادعاه، فان صدقته لا تحد حد الزنى حتى تقر به صريحا أربع مرات، لأن تصديقها ليس اقرارا بالزنى قصدا، ولأنها لو أقرت بالزنى ثم رجعت عن اقرارها لم تحد. ووافقهم الحنابلة في ذلك، وذهب المالكية والشافعية والجعفرية الى انها اذا امتنعت عن اللعان يقام عليها حد الزنى وهو الرجم، لان الواجب الاصلي هو الحد واللعان يدرأ عنها الحد لقوله تعالى: ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله»
شروط اللعان:
1-
أن تكون الزوجية الصحيحة قائمة بينهما حقيقة أو حكما عند القذف، وذهب الجمهور والجعفرية إلى أن الشرط أن يضيف القذف إلى زمن الزوجية فلو أضافه إلى ما قبل الزواج لا يلاعن ويقام عليه حد القذف، فلو كان الزواج فاسدا لا يلاعن لأن الزوجة فيه تعتبر كالأجنبية ويقام عليه حد القذف إذا كانت المقذوفة عفيفة. وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يلاعن في الزواج الفاسد اذا كان القذف بنفي الولد لان الرجل مضطر الى نفي نسب هذا الولد ولا طريق له الا باللعان.
2-
ان يكون كل من الزوجين اهلا للشهادة على المسلم بأن يكون كل منهما مسلما بالغا عاقلا حرا قادرا على النطق غير محدود في قذف فاذا تخلف قيد من ذلك لا يقام بينهما اللعان، وهذا عند الحنفية وعند الأئمة الثلاثة هي أيمان بلفظ الشهادة فيشترط فيه ان يكون كل منهما أهلاً لليمين والزواج أهلاً للطلاق فصححوا اللعان من كل زوجين سواء كانا مسلمين أو كافرين.
3-
ألا يقيم الزوج بينة على ما ادعاه بالاتفاق، فلو أقام بينة وجب عليها الحد ولا لعان، لأن اللعان حجة ضعيفة فلا تقاوم بالبينة.
4-
أن تكون الزوجة عفيفة عن الزنى.
5-
أن تنكر الزوجة ما رماها به زوجها.
في الآثار المترتبة على اللعان
اذا توافرت شروط اللعان ووقع أمام القاضي ترتب عليه الآثار الآتية:
1-
سقوط الحد عنهما.
2-
يحرم بمجرد اللعان استمتاع كل من الزوجين بالآخر حتى قبل تفريق القاضي بينهما
3-
تقع الفرقة بين الزوجين بالاتفاق غير انهم اختلفوا في وقوعها. فذهب أبو حنيفة وصاحباه إلى أنهما لا تقع الا بتفريق القاضي، فلو تلاعنا وتأخر تفريق القاضي كانت الزوجية باقية بينهما في بعض الأحكام، فلو مات أحدهما ورثه الآخر، ولو طلقها وقع عليها الطلاق.ولو أكذب نفسه حلت له من غير تجديد عقد الزواج، واستدلوا بما روى عن ابن عباس في قصة المتلاعنين: «ففرق رسول الله
r
بينهما، وهذا يفيد ان التفريق حصل بفعل رسول الله لا قبله». وذهب مالك واحمد في احدى الروايتين عنه وزفر من الحنفية والجعفرية الى ان الفرقة تقع بمجرد الملاعنة، وحكم القاضي منفذا لها، لان سبب الفرقة هو اللعان وقد وجد ولاء ما وقعت، وقول ابن عباس السابق ليس نصا في انشاء الفرقة بل يحتمل انه اعلام لهما بها او تنفيذها حسا بينهما، ومع الاحتمال لا يدل على الفرقة على حكم القاضي. واذا وقعت الفرقة بينهما اعتبرت طلاقا بائنا عند ابي حنيفة ومحمد. وهذا هو المعمول به في مصر الآن لأن القانون لم يعرض له بل ان مذكرته الايضاحية نصت على ان فراق اللعان واباه احد الزوجين الاسلام باق على حكمه في مذهب الجنفية، وذهب ابو يوسف والأئمة الثلاثة والجعفرية الى ان الفرقة باللعان تكون فسخا لا طلاقا لأنها فرقة مؤبدة كحرمة الرضاع فلا يمكنهما اعادة الزواج بينهما حتى ولو أكذب نفسه أو صدقته الزوجة لحديث «المتلاعنان لا يجتمعان أبداً.
4-
اذا كان اللعان بنفي الولد ينتفي نسبه منه ويلحق بأمه فيكون أجنبيا في بعض الأحكام بالتوارث والنفقة.، ولهذا قيل لو ادعاه اجنبي بعد موت الملاعن صحت الدعوى وثبت نسبه من المدعي اذا توافرت شروط ثبوت النسب.
:. الموضوع الاصلى: اللعان فى الشريعةالسلامية | المصدر: منتديات شوق القمر | كاتب الموضوع: محمد عثمان .:

0 التعليقات: